التنمية البشرية في فلسطين "بريستيج" اجتماعي أم أولى خطوات التغيير الايجابي؟
احمد البيتاوي- الحال 30/12/2010
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن موضوع تطوير الذات وتحسين الأداء، حيث ازدحمت وسائل الإعلام بالإعلان عن دورات التنمية البشرية، وسط جدل في الأثر الحقيقي الذي تتركه هذه الدورات، هذا إذا علمنا أن الأسعار قد تصل في بعض الأحيان إلى مئات الدولارات، ناهيك عن التشابه في المضامين وضعف المدربين، حتى تحولت هذه الدورات إلى مجرد أسطر في السير الذاتية و(بريستيج) ومصدر تفاخر وتباهي بين المؤسسات.
وفي المقابل، يرى الفريق الآخر في هذه الدورات أولى خطوات التغيير الايجابي على المستوى الشخصي والجماعي وفرصة حقيقية لتصويب الأخطاء وتصحيح المسار والتعاملات الاجتماعية سواء في الأسرة أو العمل والمحيط.
تخصص جديد
المدرب محمد بشارات مدير البرامج في مركز الشخص المهم، أشار إلى أن موضوع التنمية البشرية في فلسطين هو تخصص جديد ولا يزال في بداياته، وهو الأمر الذي يجعله محل تشكيك من قبل المراقبين الذين يقللون من شانه ويعتبرونه ترفا فكريا لا فائدة منه.
وفي الوقت ذاته، أوضح بشارات لـ( الحال) أن بعض المؤسسات والشركات بدأت تتبنه لأهمية هذا الموضوع حيث أفرزت له مساحة ضمن برامجها التطويرية لأفرادها، فلم يعد مستغربا أن نرى شركة كالاتصالات أصبح عندها أكاديمية تدريب مختصة بتطوير أداء الكادر البشري، وكذلك الأمر مع البنك العربي الذي خصص قاعة كاملة لهذا الغرض تتسع لأكثر من 1500 شخص.
وذكر مدرب التنمية البشرية أن 3% من دخل الشركات والمؤسسات في الدول الأوروبية مخصص للإنفاق على تدريب وتطوير أداء موظفيها، خاصة إذا ما علمنا أن ذلك أصبح يندرج ضمن مقياس نظام إدارة الجودة (الايزو).
المدرب بحاجة إلى تدريب
وفي المقابل، قال سهيل هشام (28) عاما احد المشاركين في دورات سابقة للتنمية البشرية:" إن هذه الدورات لا تلامس الواقع وهي تصور المؤسسات والبيوت وأماكن العمل بطريقة وردية ومثالية تختلف كليا عن الحقيقية وهو ما ينعكس بكل تأكيد على تشخيص الحلول".
وذكر هشام (موظف في مؤسسة خاصة) أن مثل هذه الدورات لا يمكن أن تؤثر بالأشخاص ولن تعمل على تغيير سلوك اجتماعي نشأ مع الفرد منذ صغره، مشيرا إلى أن الأسرة هي العامل الرئيس في صقل الشخصية وجعلها تنحوا منحاً ايجابياً أو سلبياً.
وأكد هشام لـ(لحال) على وجود كثير من المدربين الذي يعطون مثل هذه الدورات ولكنهم غير موفقين في طريقة الإلقاء وإيصال المعلومة، ويعتقدون أنهم إذا كانوا يملكون بعض المعلومات التي مصدرها محرك البحث (جوجل) و(بروجكتر) لعرض المادة يستطيعون أن يكونوا مدربي تنمية بشرية، وهو الاعتقاد الخاطئ تماما.
بدورها، أبدت الآنسة آلاء سليمان استغرابها من الأسعار المرتفعة لدورات تطوير الذات خاصة مع تدني الدخل، مشيرة إلى أن ذلك ينعكس على ترتيب الأولويات خاصة الخريجين الجدد من الجامعات.
وتضيف:"اعتقد أن الأولوية لطالب خريج من كلية الاقتصاد مثلا، ستكون اخذ دورة في التسويق أو المحاسبة أو في اللغة الانجليزية ولن تكون دورة في التنمية البشرية لان أسعارها مرتفعة جدا وتفوق أسعار الدورات الأخرى".
الساعة بـ 10 آلاف دولار
وحول الأسعار المرتفعة لهذه الدورات، رد بشارات على أن كل علم جديد له قيمته، وان دورات التنمية تتميز بإعطاء الخبرة والمهارة والتدريب، هذا بالإضافة إلى أن هذا التخصص غير موجود في الكتب ولا يدرس في المدارس والجامعات، وهو ما ينعكس على الأسعار، وشدد بشارات على أن تكلفة هذه الدورات في فلسطين مقبول إذا ما قورن بالدول العربية أو الأوروبية التي تصل فيها الساعة التدريبية الواحدة في بعض الأحيان إلى أكثر من 10 آلف دولار.
وعن التشابه في مضامين الدورات، لفت مدرب التنمية البشرية إلى أن ذلك يدخل في إطار التخصص والتركيز على المشكلة وليس من باب التشابه في الطرح وذلك من اجل الإسهاب في طرق حلها ووضع البدائل المتاحة.
ويكمل بشارات:" إذا أردنا أن نتحدث مثلا عن موضوع كفاءة الموظفين والعلاقة بين الرئيس والمرؤوس لا يمكننا أن نتطرق إلى ذلك بمجرد عموميات وعبارات فضفاضة، بل لابد من التركيز على العديد من الجوانب والتمارين العملية التي لا يمكن الحديث عنها بدورة تدريبية مدتها (14) ساعة فقط ".
ويضيف: "قد يكون هناك تشابه في المعلومات ولكنه بغرض التعليم والإفادة أولا وثم فالاختلاف يكون في طريقة العرض ثانيا وهو ما يجعل المادة متجددة ومختلفة".
شفيت من السرطان
وتحدث بشارات عن الأثر الايجابي الذي تتركه دورات التنمية البشرية إن على المستوي الشخصي أو المؤسساتي، مستشهدا بحالة احد الطلاب الذين كان معدله الدراسي (65%) وبعد أن شارك في دورة عن التفوق الدراسي أصبح معدله فوق الـ (90%)، وأكد بشارات على وجود إحدى الشركات كانت على وشك الانهيار واستطاعت أن تخرج من كبوتها بفعل دورات التنمية البشرية.
وأصر بشارات على أن تتحدث (الحال) مع إحدى النساء اللواتي شاركن في دورة تحدثت عن (العلاج بالطاقة) للتعرف على الأثر الذي تركته هذه الدورة على صحتها، حيث كانت تعاني من السرطان.
السيدة أم محمد دويكات أكدت بدورها على أنها كانت بالفعل تعاني من سرطان الثدي وكانت على وشك إجراء عملية جراحية لاستئصالهما حتى قررت المشاركة في دورة للتنمية البشرية تتحدث عن تحفيز الطاقة الكونية لعلاج الأمراض.
وتقول أم محمد:" لم أكن في بداية الأمر مقتنعة بان مثل هذه الدورات ستساهم في علاجي، ولكنه لم يكن أمامي من خيار آخر ولم يكن لدي ما اخسره، وبعد المشاركة في الدورة والالتزام بالبرنامج اليومي الذي يتخلله الرقية الشرعية وطرق التنفس الصحيح واستخدام الماء والزيت بطريق معينة، بالإضافة إلى بعض الحركات الرياضية التي تشبه (اليوجا) والتأمل بدأت اشعر بالفرق الحقيقي والتغيير النفسي الذي انعكس بالطبع على صحتي".
وتضيف:" بعد ذلك بعدة أسابيع وبعد إجراء الفحوصات الطبية تبين انحصار مرض السرطان ولم اعد بحاجة إلى إجراء عملية استئصال، كذلك لم اعد أعاني من أوجاع الرأس الذي كان يلازمني طوال اليوم".
المشي على الزجاج
ويشير بشارات إلى أن التنمية البشرية تهدف في نهاية المطاف إلى إيقاظ القدرة الكامنة والموجودة لدى كل إنسان بحيث يستطيع أن يثبت لنفسه انه يستطيع حتى المشي على الزجاج كما يحصل في كثير من الدورات أو التغلب على بعض الأمراض الخطيرة كما حدث مع السيدة أم محمد.
انتهى
رابط الصفحة :
